كريم احمجيق
شهر رمضان الذي قضيته وراء القضبان هو شهر الصيام الأول الذي لم أشعر فيه بالجوع منذ بلوغي وبداية صيامي، لسبب بسيط هو أن جهاز هضمي كان متعودا على الجوع ومستئنسا به منذ الوهلة الأولى لاعتقالي، فالأكل الذي يُقدم للسجين الهدف منه هو الحفاظ على هذا الأخير على قيد الحياة وفقط وليس لاشباع حاجيات الجسم من فيتامينات وبروتينات وووو.
يبدأ يوم المعتقل مع الساعة التاسعة صباحا حيث يضطر للاستيقاظ من أجل العد الروتيني للسجناء (appel)، ومنذ هذا الوقت يظل يُعد الدقائق والساعات ليس انتظارا منه لأذان المغرب ليأكل فطوره بل ليُنقص يوما آخر من مدة عقوبته التي بمثابة جبل على ظهره، فالجوع إلى الحرية ليس بعده جوع. منذ الاستيقاظ لا نعود للنوم بسبب ضجيج السجناء الذي لا ينتهي نظرا لعددهم الكبير بالزنزانة (ما يفوق 35 سجين)، ولا يحق لأي كان أن يُلزم الآخرين الصمت نهارا، ونقضي يومنا بين الاتكاء والجلوس والذهاب والإياب بين أركان الغرفة، فالوقت وراء القضبان يختلف عن نظيره في عالم الحرية فالدقائق تصير ساعات، والساعات تصير دهرا.
في وقت الفطور، (عندما وصلت الكتابة إلى هنا توقفت كثيرا، لأني كلما حاولت كتابة شيء عن الشعور الذي كان ينتابني في الفطور لا تسعفني الكلمات للتعبير عن ذلك… هناك تفاصيل لا يمكن كتابتها ولا سردها، هي أحاسيس تُعاش ولا تُحكى). قبيل الأذان بربع ساعة تقريبا تجد السجناء يتفرقون إلى مجموعات يستعدون للفطور، يفرشون غطاء على السرير المخصص للنوم ليصبح مائدة للأكل لأن لا مكان ولا حيز لهذا الأخير بالغرفة سوى مكان نومك، والبعض الآخر يفترشون الأرض عند باب المرحاض. الفطور متكون عدة مأكولات؛ حريرة مذاقها لا يمكن أن تفرق بينه وبين حمولة واد غيس والنكور، حبتين من التمر الجاف لا تحتويان سوى على العظم وجزء منهما يشتركه معك الدود، شباكية واحدة كأنها صنعت من اسمنت مسلح لا تقوى الأسنان على قضمها وكثير من الحنين إلى عالم الحرية حيث تجد الأسرة مجتمعة وقت الفطور على مائدة بها أشهى الأكلات من مختلف الأصناف… (يتبع)
هذا جزء صغير من حياة معتقل وراء القضبان في شهر رمضان، أما التفاصيل الأخرى فلا تُروى.
المصدر : https://wp.me/p67eFV-buW
Samiaمنذ سنتين
A3lach ashab alhirak kay3icho mazyan
fasijan hit amwasin a3lihom man arbat nas al3adiyin kayakraziwhom fasijan